مرايا الغياب
يا أيُّها البعيدُ كأنَّكَ صدى
في أصقاعِ السماءِ ترنُّ في مسمعي
تخترقُ جلدي وكياني
وأُغلِقُ المسامَّ وأبقى في أنيني أُعاني
وتنمو حروفُكَ في أعماقِ الضجرِ
أشكو الانتظارَ والكلماتِ في هدرِ
أراكَ ولا أراكَ بين طرفةِ عينٍ ومَدِّ البصرِ
ترتعشُ جوارحي وجعًا بين الذكرى وماضٍ مستترٍ
هربتُ من ظلِّكَ مرارًا ومن وجهِكَ
ونورُ وجهِكَ يسطعُ قمرٌ
طيفُكَ يلفُّني بين نبضي وحنيني
وخوفي من دموعٍ تنهمرُ
كلُّ الليالي دونكَ ظلمةٌ، ومعكَ تُضاءُ الليالي ويَشِعُّ البدرُ
أيُّ ضوءٍ أنتَ؟
وتُحرِقُني ولا تَحترقُ وتُضيءُ عُتمتي من العدمِ
أيُّ بحرٍ أنتَ؟
تُغرِقُني ولا تَغرقُ تأخذُني شواطئُكَ بين مَدٍّ وجَزرٍ
أيُّ عاصفةٍ أنتَ؟
تَعصِفُ فيَّ بعيدًا على مَفرِقٍ من الطرقِ
تتركني دونَ سبيلٍ تائهةً في الأفقِ
تغيبُ عني مُدرِكًا أني أبحثُ عنكَ
بين السماءِ والأرضِ وأسرقُ طيفَكَ من الغسقِ
دونكَ كيفَ أطيرُ؟
كُسِرَ جناحي وقُيِّدَ العُنقُ
على بابِ المساءِ أنتظرُ في شُرفتي
لعلَّ خيالَكَ يمرُّ ليرميَ شُرفتي بحجرٍ
ويَهمِسَ في أُذني بأنكَ مُنتظرٌ
ولقاءٌ في العتمةِ نسترقُ
أما سئِمتَ غيابًا طالَ انتظارهُ؟
كُن حُلمًا يُعانقُ روحي ويُهدِّئُ في قلبِ هَيَجانهِ
من دونكَ يُكسِرُ وحدتي ويَنطِقُ صمتي
وأستشعِرُه في قصائدي وأرسمُه لوحةَ عشقٍ في مُخيلتي
وأُناجيهِ تعبَ السنينَ الماضياتِ
ويَزُفُّني لأولِ الطريقِ ويُعانقُ صبرَ أمنياتي
وأنسى همومي وتَعَبي وأمحو كلَّ ذكرياتي
ما كنتَ حُلمًا راودتني رؤياكَ في صحوي أكثرَ من مناماتي
كم استنشقتُ عطرَكَ بين الأزقةِ والطرقاتِ
كفانا عذابًا كفانا ألمًا عُد إليَّ
بات العقلُ في شتاتٍ والقلبُ
يَنبضُ شوقًا وزادت نبضاتي
ما إن سمعتُ قائلًا بأنَّ وصولكَ قد اقتربَ
سكنتُ الطُّرقاتِ في دجى الليلِ وفي ثنايا النهارِ
أنتظرُ عودةَ قلبٍ منِّي سَلَبَ
بات اللقاءُ قريبًا عندَ خالقي ليس من عَجَبٍ
سأفرشُ الدروبَ بالمحبةِ ووردٍ وأوراقِ العنبِ
ما عاد يَهمُّني ماضٍ وأرقٌ
اللقاءُ بيني وبينَ عاشقي
قد اقتربَ
نعمْ قداقتربَ
د.سوسن ابراهيم
شكرا لكرم مروركم